نظّمت الجمعية، منذ تأسيسها، أماسٍ تثقيفية، وندوات، ومحاضرات حول الحقوق المدنية. وفي سنوات الثمانينيات، توسّع هذا النشاط. وقد أنشأت آن سارفسكي، متطوعة في فرعنا في تل أبيب، كادرا من المحاضرين، وقد أرست علاقات مع المدارس، وبادرت إلى إقامة الكثير من المحاضرات أمام التلاميذ والمعلمين. وفي أعقاب هذا النشاط صادقت وزارة التربية والتعليم في تشرين ثاني (نوفمبر) 1984 على دمج مواضيع من مجال الحقوق المدنية في أعمال تخرج تلاميذ صفي الحادي عشر والثاني عشر في المدارس التي تنشط فيها الجمعية.
في أواسط الثمانينات شُرع أيضا في كتابة المناهج والمضامين التربوية. "لم يكن هنالك في السابق أي شيء، لم يكن هنالك كتاب عن حقوق الإنسان، لم يكن هنالك مقال عن حقوق الإنسان، وهذا الخطاب أصلا لم يكن موجودا"، حسبما قالت روت غابيزون. وهكذا، شُرع في نشر سلسلة تحت عنوان "دراسات في الحقوق المدنية" باللغتين العبرية والعربية، وفي هذا الإطار صدر إلى النور على مدار سنوات الثمانينيات كراسات حول الحق في التظاهر، حقوق الموطن، والديمقراطية؛ حقوق المشبوهين والمتهمين؛ حرية التعبير؛ حقوق الإنسان في المناطق، وغيرها.
كانت طالي بن غال أول مديرة لقسم التربية في الجمعية، وقد شغلت منصبها ما بين 1988 حتى 1994، وقد بدأ القسم في تطوير مواد تربوية ومناهج دروس منظمة، وقد تم تشكيل طاقم من المرشدين المستقلين، وتطور العمل مع الجهاز التربوي اليهودي والعربي. "لم يتم استقبالنا بحماسة دائما، ولكن من كان يبدي العداء لنا في البداية، لأن موقفه مع مرور الوقت"، حسبما قالت بن غال. "[إحدى المدرّسات] اعتقدت أنه لا يجب عليها المشاركة في الدورة الاستكمالية. وفي اللقاء الأول تأخرت لمدة ثلاثة أرباع الساعة، وتأخرت لمدة ربع ساعة في اللقاء الثاني، أما في اللقاء التلخيصي النهائي فقد قالت بأن هنالك حاجة إلى المزيد من الدورات الاستكمالية التي من هذا النوع".
في 1991- 1992، نشرت الجمعية منشورا مكونا من ثلاثة مجلدات، من تحرير روت غابيزون وحجاي شنيدور، حيث تم فيها تجميع مصادر مختلفة لتعليم نظرية حقوق الإنسان: مقتطفات عن الأساس المفاهيمي والتاريخي لحقوق الإنسان، والقوانين، والقرارات القضائية والمقالات، والتي توضح تطبيق مختلف الحقوق في الواقع الإسرائيلي. وفي سنة 1993، تم نشر "كتاب الأفكار للمعلم"، وهو يجمّع تشكيلة من النشاطات والمناهج التربوية المتعلقة بحقوق الإنسان في إسرائيل، وفي سنة 1995، تم نشر "جارور الحقوق"، وهو برنامج تربوي للمدارس الابتدائية حلو موضوع حقوق الإنسان. وقد واصل القسم تطوير ونشر المناهج الدراسية ومقترحات للنشاطات للعاملات والعاملين في مجال التربية.
في مطلع التسعينيات، أطلقت أورنا شم-طوف مشروعا تربويا لقوى الأمن. وبواسطة هذا المشروع عملت الجمعية على خلق التزام عملاني للمنظومة الأمنية (الشرطة وسلاح حرس الحدود) ولدى عناصر الشرطة، وعلى رأسهم الضباط، بحقوق الإنسان، بوصف الأمر جزءا إلزاميا من وظيفتهم. وذلك لرفع منسوب وعي عناصر حرس الحدود والشرطة بشأن الصلاحيات والقوة الكبيرة التي يحوزونها، ولتطوير أدوات وقدرات بالتعاون معهم، لكي يستخدموا هذه القوة بصورة حساسة، وحكيمة، ومبنية على الوعي تجاه حقوق الإنسان.
واجه العمل مع قوات الأمن الكثير من العوائق، والعداء تجاه ما تمثله الجمعية. وقد تمّ تحقيق تغيير، على الأقل على مستوى التصريحات: إذ تبنت الشرطة الالتزام تجاه الحقوق بوصفها جزءا من الرؤية المهنية للعمل الشرطي, ومع ذلك، فقد كان العمل المشترك معقدا بالنسبة للطرفين، وقد طرح سؤال داخل الجمعية، عما إذا كان العمل مع قوات الأمن يمثل ورقة توت [لستر العورات- المترجم]. ورغم المصاعب، فقد استمرت الدورات التأهيلية المعطاة لقوات الأمن حتى منتصف العقد الأول من سنوات الـ 2000.
ابتداء من سنة 1998 أدارت القسم التربوي دوفيت أتأر، وقد وسّع القسم التربوي من تعاوناته مع وزارة التربية والتعليم، ومن عمله مع الجهاز التربوي العبري والعربي، انطلاقا من تصوره بأن العاملات والعاملين في مجال التربية هم وكلاء التغيير الأهم، في تكوين مواطني الغد، وانطلاقا من إدراك أهمية الدور الذي يلعبه الجهاز التربوي في بناء مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويلتزم بها. واحد من الإنجازات الهامة للقسم تمثل في إقناع الجهاز التربوي بإحياء يوم حقوق الإنسان العالمي، الذي يصادف يوم 10 كانون أول (ديسمبر)، في إطار التقويم السنوي المدرسي. سنة 1999 بدأ القسم بتطوير مشروع جديد، هدف إلى ترسيخ خطاب حقوق الإنسان في صفوف موظفي جهاز الرفاه الاجتماعي. تمثل الافتراض الأساسي في أن العاملات والعاملين في الشؤون الاجتماعية على علاقة يومية مع الفئات السكانية التي يتم خرق حقوقها أو لا تمارس حقوقها في أوقات متقاربة، وقد تمثل الهدف في ترسيخ رؤيا في صفوف هؤلاء العاملات والعاملين، تنظر إلى الإنسان بوصفه ذو حقوق، لا بوصفه ذو احتياجات فقط.
على مدار العقدين التاليين، واصل القسم التربوي التغير والتطور من ناحية الجمهور الذي يستهدفه، والمواضيع التي يهتم بها، والأدوات التي يستخدمها.
للتوسّع (بالعبريّة)

ما الذي يتعلّمه أطفالك؟
نؤمن، في الجمعية، أننا إن رغبنا بالتغيير، فإننا سنحدثه، وأن كل مكان يوجد فيه تفاعل تربوي، يمكن من خلاله بناء مجتمع قائم على التسامح والديمقراطية. إن عمل الجمعية التربوي اليوم راسخ وواسع النطاق، بيد أن البداية لم تكن سهلة.
تصوير : أورين لالو